أحوال السف مع الصلاة
صفحة 1 من اصل 1
أحوال السف مع الصلاة
المكان : مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم
الزمان : السنة الثالثة والعشرين من الهجرة
يخرج أمير المؤمنين عمر بن الخطاب من بيته ليصلي بالناس صلاة الفجر .. يدخل المسجد .. تقام الصلاة .. يتقدم عمر و يسوي الصفوف .. يكبر فما هو إلا أن كبر حتى تقدم إليه المجرم أبو لؤلؤة المجوسي فيطعنه عدة طعنات بسكين ذات حدين .
أما الصحابة الذين خلف عمر فذهلوا وسقط في أيديهم أمام هذا المنظر المؤلم . وأما من كان في خلف الصفوف في آخر المسجد فلم يدروا ما الخبر .. فما إن فقدوا صوت عمر رفعوا أصواتهم : سبحان الله .. سبحان الله . ولكن لا مجيب .
يتناول عمر يد عبد الرحمن بن عوف فيقدمه فيصلي بالناس .
يحمل الفاروق إلى بيته .. فيغشى عليه حتى يسفر الصبح . اجتمع الصحابة عند رأسه فأرادوا أن يفزعوه بشيء ليفيق من غشيته . نظروا فتذكروا أن قلب عمر معلق بالصلاة . فقال بعضهم :
إنكم لن تفزعوه بشيء مثل الصلاة إن كانت به حياة . فصاحوا عند رأسه : الصلاة يا أمير المؤمنين ، الصلاة . فانتبه من غشيته وقال : الصلاة والله . ثم قال لا بن عباس : أصلى الناس . قال : نعم . قال عمر : لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة . ثم دعا بالماء فتوضأ و صلى وإن جرحه لينزف دماً .
هكذا أيها الأحبة كان حالهم مع الصلاة . حتى في أحلك الظروف ، بل وحتى وهم يفارقون الحياة في سكرات الموت .كيف لا وقد كانت هذه الفريضة الهم الأول لمعلم البشرية صلى الله عليه وسلم وهو يعالج نفسه في سكرات الموت فيقول : الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم .
أيها الأحبة . في هذه الكلمة نعرض أربعة أحوال من أحوال السلف الصالح مع الصلاة لنقارن أحوالهم بأحوالنا ليتوب المسيء من إساءته ، ويتنبه المقصر إلى تقصيره ، ويزداد المحسن إحساناً وتكميلاً لصلاته .
الحال الأول : محافظتهم على صلاة الجماعة وتعلق قلوبهم بها:
الصلاة قرة عيون المؤمنين كما صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : وجعلت قرة عيني في الصلاة .
ولذا كان يقول : أرحنا بها يا بلال . ولسان حال بعضنا : أرحنا منها يا إمام .
وقل لبلالَ العزم من قلبِ صادقٍ … أرحنا بها إن كنت حقاً مصليا
توضأ بماء التوبة اليوم مـخلصاً … به تَرْقَ أبواب الجنان الثمانيا
وقد سطر سلفنا الصالح صوراً مشرقة في المحافظة على صلاة الجماعة .
ففي صحيح مسلم ينقل لنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه صورة حية لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحالهم مع صلاة الجماعة فيقول : ولقد رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق معلوم النفاق ، ولقد رأيت الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف .
فأين النائمون عن صلاة الفجر و العصر الذين أنعم الله عليهم وأصحّ لهم أجسامهم ؟ وما عذرهم أمام الله تعالى ؟.
منائركم علت في كل حيٍّ … ومسجدكم من العُبـَّـاد خالي
وصوت أذانكم في كل وادٍ … ولكن أين صوتٌ من بلالِ
• وهذا سعيد بن المسيب يقول : ما فاتتني الصلاة في جماعة منذ أربعين سنة .
ولما اشتكى سعيد عينه يوماً قالوا لـه : لو خرجت إلى العقيق فنظرت إلى الخضرة لوجدت لذلك خفة . فقال : فكيف أصنع بشهود العشاء والصبح .
• وكان الربيع بن خثيم يقاد إلى الصلاة وبه الفالج فقيل لـه : قد رخص لك . قال : إني أسمع ” حي على الصلاة ” فإن استطعتم أن تأتوها فأتوها ولو حبواً .
• وسمع عامر بن عبدالله بن الزبير المؤذن وهو يجود بنفسه (أي يحتضر) فقال : خذوا بيدي فقيل : إنك عليل . قال : أسمع داعي الله فلا أجيبه . فأخذوا بيده فدخل مع الإمام في المغرب فركع ركعة ثم مات .
• وكان سعيد بن عبدالعزيز إذا فاتته صلاة الجماعة بكى .
نعم . بكى لا لأنه قد فاتته مباراة رياضية ، ولا لأغنية أو تمثيلية . ولكن يبكي لفوات المثوبة والروحانية .
• سئل عبدالرحمن بن مهدي عن الرجل يبني بأهله أيترك الجماعة أياماً ؟ قال : لا ، ولا صلاةً واحدةً .
الحال الثاني : مبادرتهم إلى الصلاة ومحافظتهم على تكبيرة الإحرام :
• ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم أنه قال ” لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله “.
قال النووي : يتأخرون أي عن الصفوف الأول حتى يؤخرهم الله تعالى عن رحمته أو عظيم فضله ورفع المنزلة وعن العلم ونحو ذلك .
• قال عدي بن حاتم : ما أقيمت الصلاة منذ أسلمت إلا وأنا على وضوء .
• وكان إبراهيم بن ميمون أحد المحدثين يعمل صائغاً يطرق الذهب والفضة . فكان إذا رفع المطرقة فسمع النداء وضعها ولم يردها .
• وقال سعيد : ما أذن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأن في المسجد .
• وقد جاء عند الترمذي وحسنه الألباني أنه صلى الله عليه وسلم قال ” من صلى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأو لى كتب له براءتان : براءة من النار ، وبراءة من النفاق .
• روي عن الأعمش أنه كان قريباً من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى .
• ولهذا قال إبراهيم التيمي : إذا رأيت الرجل يتهاون في التكبيرة الأولى فاغسل يدك منه .
هكذا كان حرصهم وتبكيرهم إلى الصلوات فيا ليت شعري أين نحن من حالهم . ونحن نرى الجموع المتأخرة تقضي خلف الصفوف ناهيك عن الذين يقضون خلف الإمام ، ويعتذرون عن تأخرهم بأعذار هي أوهى من بيت العنكبوت . وهذا دليل قلة الفقه ، والله المستعان .
الحال الثالث : إحسانهم الصلاة وإتمامهم أركانها :
نظر السلف إلى القرآن وإذا الله تبارك وتعالى يأمرهم بإقامة الصلاة ، فلم ترد آية واحدة بغير لفظ الإقامة. والتعبير بهذا اللفظ يقتضي العناية بها وإقامتها على الوجه المطلوب كما وردت .
• يدخل رجل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصلي ، ثم يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيسلم عليه ، فيرد عليه بقوله : وعليك السلام ، ارجع فصل فإنك لم تصل . فيعود فيصلي ثم يأتي فيسلم عليه ، فيرد عليه بمثل ما رد عليه . فلما كان في المرة الثالثة قال الرجل : والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا فعلمني . فعلمه عليه الصلاة والسلام كيف يصلي ، وأرشده إلى الطمأنينة في جميع أركان الصلاة وواجباتها .
• ويصلي عليه الصلاة والسلام يوماً – كما في صحيح مسلم _ فينصرف ويخاطب رجلاً بقوله : يا فلان ألا تحسن صلاتك ، ألا ينظر المصلي إذا صلى كيف يصلي ، فإنما يصلي لنفسه .
• أيها الأحبة .. هل تعلمون من هو أسوأ الناس سرقة ؟
أهو سارق المسجد أو الحرم ؟ أهو سارق مال فقير أو يتيم ؟
كلا . قال عليه الصلاة والسلام : ” أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته . قالوا : وكيف يسرق من صلاته ؟ . قال : لا يتم ركوعها ولا سجودها “.
• وصح عن عبدالله بن عمر أنه رأى فتى يصلي فأطل صلاته وأطنب فيها فقال : أيكم يعرف هذا ؟ فقال رجل: أنا أعرفه . فقال ابن عمر : لو كنت أعرفه لأمرته أن يطيل الركوع والسجود فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن العبد إذا قام إلى الصلاة أتي بذنوبه كلها فوضعت على عاتقيه فكلما ركع أو سجد تساقطت عنه .
• قال ابن جريج : لزمت عطاء ثمانين عشرة سنة ، وكان بعدما كبر وضعف يقوم إلى الصلاة . فيقرأ مئتي آية من البقرة وهو قائم لا يزول منه شيء ولا يتحرك .
• قال أبو إسحاق السبيعي : ذهبت الصلاة مني وضعُفُت وإني لأصلي فما أقرأ وأنا قائم إلا البقرة وآل عمران . وقيل إنه ما كان يقدر أن يقوم حتى يقام فإذا استقم قائماً قرأ وهو قائم ألف آية .
• قال خالد بن عمرو : رأيت مسعراً كأن جبهته ركبة عنز من السجود .
• قال ابن رهب : رأيت الثوري في الحرم بعد المغرب صلى ثم سجد سجدة فلم يرفع حتى نودي بالعشاء.
أما حالنا فمؤسف . فقد أصبحت الصلاة ثقيلة على كثير من الناس حتى إذا كبر أحدهم أومأ بحركات لا روحانية ، ونقر الصلاة كنقر الغراب لا يذكر الله فيها إلا قليلاً . فهلك النقارون .
ووالله لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حياً بين أظهرنا لقال لهم : ارجعوا فصلوا ، فإنكم لم تصلوا .
الحال الرابع : خشوعهم في الصلاة :
الخشوع في الصلاة بمنزلة الروح في الجسد ، فصلاة بلا خشوع كجسد بلا روح .
• كان سيد الخاشعين يصلي لله خاشعاً مخبتاً ، يبكي ولصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء .
• كان ابن الزبير إذا قام إلى الصلاة كأنه عود .
• وكان ابن الزبير يصلي في الحجر ، فيرمى بالحجارة من المنجنيق فما يلتفت .
• ووقع حريق في بيت فيه علي بن الحسين وهو ساجد فجعلوا يقولون : يا ابن رسول الله النار . فما رفع رأسه حتى طفئت . فقيل له في ذلك فقال : ألهتني عنها النار الأخرى .
• وكان علي ابن الحسين إذا توضأ اصفر وإذا قام إلى الصلاة ارتعد . فقيل له فقال : تدرون بين يدي من أ قوم ومن أناجي ؟ .
• وقالت بنت لجار منصور بن المعتمر : يا أبت أين الخشبة التي كانت في سطح منصور قائمة ؟ قال : يا بنيته ذاك منصور يقوم الليل .
• سرق رداء يعقوب بن إسحاق عن كتفه وهو في الصلاة ولم يشعر ورُدّ إليه فلم يشعر لشغله بعبادة ربه.
• كان إبراهيم التيمي إذا سجد كأنه جذم حائط ينزل على ظهره العصافير .
• قال إسحاق بن إبراهيم كنت أسمع وقع دموع سعيد بن عبدالعزيز على الحصير في الصلاة .
هكذا كان خشوعهم . أما نحن فنشكو إلى الله قسوة في قلوبنا وذهاباً لخشوعنا . فلم تعد الصلاة عند بعضنا صلة روحانية بينه وبين ربه تبارك وتعالى ، بل أصبحت مجرد حركات يؤديها الإنسان بحكم العادة لا طعم لها ولا روح . فأنى لمثل هذا أن يخشع ؟.
لقد صلى بعض الناس في أحد مساجدنا ، ولما كان في التشهد الأخير جاءه الشيطان وقال له : يا أبا فلان إن صاحب المحل قد أخطأ في الحساب فراجع الفاتورة ، إني لك من الناصحين . فصدق المسكين وأخرج الفاتورة ليراجعها أمام الناس وهو يصلي . فالله المستعان .
وآخر . تراه هادئاً ساكناً ، فما إن يكبر حتى تبدأ يداه بالعبث بغترته أوعقاله أولحيته أوساعته . . . ولو خشع قلبه لخشعت جوارحه .
فلا يغرنك وقوف مصليين متجاورين في صف واحد فإنه قد يكون بينهما من التفاوت في الأجر كما بين السماء والأرض . وقد قال عليه الصلاة والسلام ” وإن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها ” رواه أبو داود وحسنه الألباني
الزمان : السنة الثالثة والعشرين من الهجرة
يخرج أمير المؤمنين عمر بن الخطاب من بيته ليصلي بالناس صلاة الفجر .. يدخل المسجد .. تقام الصلاة .. يتقدم عمر و يسوي الصفوف .. يكبر فما هو إلا أن كبر حتى تقدم إليه المجرم أبو لؤلؤة المجوسي فيطعنه عدة طعنات بسكين ذات حدين .
أما الصحابة الذين خلف عمر فذهلوا وسقط في أيديهم أمام هذا المنظر المؤلم . وأما من كان في خلف الصفوف في آخر المسجد فلم يدروا ما الخبر .. فما إن فقدوا صوت عمر رفعوا أصواتهم : سبحان الله .. سبحان الله . ولكن لا مجيب .
يتناول عمر يد عبد الرحمن بن عوف فيقدمه فيصلي بالناس .
يحمل الفاروق إلى بيته .. فيغشى عليه حتى يسفر الصبح . اجتمع الصحابة عند رأسه فأرادوا أن يفزعوه بشيء ليفيق من غشيته . نظروا فتذكروا أن قلب عمر معلق بالصلاة . فقال بعضهم :
إنكم لن تفزعوه بشيء مثل الصلاة إن كانت به حياة . فصاحوا عند رأسه : الصلاة يا أمير المؤمنين ، الصلاة . فانتبه من غشيته وقال : الصلاة والله . ثم قال لا بن عباس : أصلى الناس . قال : نعم . قال عمر : لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة . ثم دعا بالماء فتوضأ و صلى وإن جرحه لينزف دماً .
هكذا أيها الأحبة كان حالهم مع الصلاة . حتى في أحلك الظروف ، بل وحتى وهم يفارقون الحياة في سكرات الموت .كيف لا وقد كانت هذه الفريضة الهم الأول لمعلم البشرية صلى الله عليه وسلم وهو يعالج نفسه في سكرات الموت فيقول : الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم .
أيها الأحبة . في هذه الكلمة نعرض أربعة أحوال من أحوال السلف الصالح مع الصلاة لنقارن أحوالهم بأحوالنا ليتوب المسيء من إساءته ، ويتنبه المقصر إلى تقصيره ، ويزداد المحسن إحساناً وتكميلاً لصلاته .
الحال الأول : محافظتهم على صلاة الجماعة وتعلق قلوبهم بها:
الصلاة قرة عيون المؤمنين كما صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : وجعلت قرة عيني في الصلاة .
ولذا كان يقول : أرحنا بها يا بلال . ولسان حال بعضنا : أرحنا منها يا إمام .
وقل لبلالَ العزم من قلبِ صادقٍ … أرحنا بها إن كنت حقاً مصليا
توضأ بماء التوبة اليوم مـخلصاً … به تَرْقَ أبواب الجنان الثمانيا
وقد سطر سلفنا الصالح صوراً مشرقة في المحافظة على صلاة الجماعة .
ففي صحيح مسلم ينقل لنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه صورة حية لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحالهم مع صلاة الجماعة فيقول : ولقد رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق معلوم النفاق ، ولقد رأيت الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف .
فأين النائمون عن صلاة الفجر و العصر الذين أنعم الله عليهم وأصحّ لهم أجسامهم ؟ وما عذرهم أمام الله تعالى ؟.
منائركم علت في كل حيٍّ … ومسجدكم من العُبـَّـاد خالي
وصوت أذانكم في كل وادٍ … ولكن أين صوتٌ من بلالِ
• وهذا سعيد بن المسيب يقول : ما فاتتني الصلاة في جماعة منذ أربعين سنة .
ولما اشتكى سعيد عينه يوماً قالوا لـه : لو خرجت إلى العقيق فنظرت إلى الخضرة لوجدت لذلك خفة . فقال : فكيف أصنع بشهود العشاء والصبح .
• وكان الربيع بن خثيم يقاد إلى الصلاة وبه الفالج فقيل لـه : قد رخص لك . قال : إني أسمع ” حي على الصلاة ” فإن استطعتم أن تأتوها فأتوها ولو حبواً .
• وسمع عامر بن عبدالله بن الزبير المؤذن وهو يجود بنفسه (أي يحتضر) فقال : خذوا بيدي فقيل : إنك عليل . قال : أسمع داعي الله فلا أجيبه . فأخذوا بيده فدخل مع الإمام في المغرب فركع ركعة ثم مات .
• وكان سعيد بن عبدالعزيز إذا فاتته صلاة الجماعة بكى .
نعم . بكى لا لأنه قد فاتته مباراة رياضية ، ولا لأغنية أو تمثيلية . ولكن يبكي لفوات المثوبة والروحانية .
• سئل عبدالرحمن بن مهدي عن الرجل يبني بأهله أيترك الجماعة أياماً ؟ قال : لا ، ولا صلاةً واحدةً .
الحال الثاني : مبادرتهم إلى الصلاة ومحافظتهم على تكبيرة الإحرام :
• ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم أنه قال ” لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله “.
قال النووي : يتأخرون أي عن الصفوف الأول حتى يؤخرهم الله تعالى عن رحمته أو عظيم فضله ورفع المنزلة وعن العلم ونحو ذلك .
• قال عدي بن حاتم : ما أقيمت الصلاة منذ أسلمت إلا وأنا على وضوء .
• وكان إبراهيم بن ميمون أحد المحدثين يعمل صائغاً يطرق الذهب والفضة . فكان إذا رفع المطرقة فسمع النداء وضعها ولم يردها .
• وقال سعيد : ما أذن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأن في المسجد .
• وقد جاء عند الترمذي وحسنه الألباني أنه صلى الله عليه وسلم قال ” من صلى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأو لى كتب له براءتان : براءة من النار ، وبراءة من النفاق .
• روي عن الأعمش أنه كان قريباً من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى .
• ولهذا قال إبراهيم التيمي : إذا رأيت الرجل يتهاون في التكبيرة الأولى فاغسل يدك منه .
هكذا كان حرصهم وتبكيرهم إلى الصلوات فيا ليت شعري أين نحن من حالهم . ونحن نرى الجموع المتأخرة تقضي خلف الصفوف ناهيك عن الذين يقضون خلف الإمام ، ويعتذرون عن تأخرهم بأعذار هي أوهى من بيت العنكبوت . وهذا دليل قلة الفقه ، والله المستعان .
الحال الثالث : إحسانهم الصلاة وإتمامهم أركانها :
نظر السلف إلى القرآن وإذا الله تبارك وتعالى يأمرهم بإقامة الصلاة ، فلم ترد آية واحدة بغير لفظ الإقامة. والتعبير بهذا اللفظ يقتضي العناية بها وإقامتها على الوجه المطلوب كما وردت .
• يدخل رجل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصلي ، ثم يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيسلم عليه ، فيرد عليه بقوله : وعليك السلام ، ارجع فصل فإنك لم تصل . فيعود فيصلي ثم يأتي فيسلم عليه ، فيرد عليه بمثل ما رد عليه . فلما كان في المرة الثالثة قال الرجل : والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا فعلمني . فعلمه عليه الصلاة والسلام كيف يصلي ، وأرشده إلى الطمأنينة في جميع أركان الصلاة وواجباتها .
• ويصلي عليه الصلاة والسلام يوماً – كما في صحيح مسلم _ فينصرف ويخاطب رجلاً بقوله : يا فلان ألا تحسن صلاتك ، ألا ينظر المصلي إذا صلى كيف يصلي ، فإنما يصلي لنفسه .
• أيها الأحبة .. هل تعلمون من هو أسوأ الناس سرقة ؟
أهو سارق المسجد أو الحرم ؟ أهو سارق مال فقير أو يتيم ؟
كلا . قال عليه الصلاة والسلام : ” أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته . قالوا : وكيف يسرق من صلاته ؟ . قال : لا يتم ركوعها ولا سجودها “.
• وصح عن عبدالله بن عمر أنه رأى فتى يصلي فأطل صلاته وأطنب فيها فقال : أيكم يعرف هذا ؟ فقال رجل: أنا أعرفه . فقال ابن عمر : لو كنت أعرفه لأمرته أن يطيل الركوع والسجود فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن العبد إذا قام إلى الصلاة أتي بذنوبه كلها فوضعت على عاتقيه فكلما ركع أو سجد تساقطت عنه .
• قال ابن جريج : لزمت عطاء ثمانين عشرة سنة ، وكان بعدما كبر وضعف يقوم إلى الصلاة . فيقرأ مئتي آية من البقرة وهو قائم لا يزول منه شيء ولا يتحرك .
• قال أبو إسحاق السبيعي : ذهبت الصلاة مني وضعُفُت وإني لأصلي فما أقرأ وأنا قائم إلا البقرة وآل عمران . وقيل إنه ما كان يقدر أن يقوم حتى يقام فإذا استقم قائماً قرأ وهو قائم ألف آية .
• قال خالد بن عمرو : رأيت مسعراً كأن جبهته ركبة عنز من السجود .
• قال ابن رهب : رأيت الثوري في الحرم بعد المغرب صلى ثم سجد سجدة فلم يرفع حتى نودي بالعشاء.
أما حالنا فمؤسف . فقد أصبحت الصلاة ثقيلة على كثير من الناس حتى إذا كبر أحدهم أومأ بحركات لا روحانية ، ونقر الصلاة كنقر الغراب لا يذكر الله فيها إلا قليلاً . فهلك النقارون .
ووالله لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حياً بين أظهرنا لقال لهم : ارجعوا فصلوا ، فإنكم لم تصلوا .
الحال الرابع : خشوعهم في الصلاة :
الخشوع في الصلاة بمنزلة الروح في الجسد ، فصلاة بلا خشوع كجسد بلا روح .
• كان سيد الخاشعين يصلي لله خاشعاً مخبتاً ، يبكي ولصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء .
• كان ابن الزبير إذا قام إلى الصلاة كأنه عود .
• وكان ابن الزبير يصلي في الحجر ، فيرمى بالحجارة من المنجنيق فما يلتفت .
• ووقع حريق في بيت فيه علي بن الحسين وهو ساجد فجعلوا يقولون : يا ابن رسول الله النار . فما رفع رأسه حتى طفئت . فقيل له في ذلك فقال : ألهتني عنها النار الأخرى .
• وكان علي ابن الحسين إذا توضأ اصفر وإذا قام إلى الصلاة ارتعد . فقيل له فقال : تدرون بين يدي من أ قوم ومن أناجي ؟ .
• وقالت بنت لجار منصور بن المعتمر : يا أبت أين الخشبة التي كانت في سطح منصور قائمة ؟ قال : يا بنيته ذاك منصور يقوم الليل .
• سرق رداء يعقوب بن إسحاق عن كتفه وهو في الصلاة ولم يشعر ورُدّ إليه فلم يشعر لشغله بعبادة ربه.
• كان إبراهيم التيمي إذا سجد كأنه جذم حائط ينزل على ظهره العصافير .
• قال إسحاق بن إبراهيم كنت أسمع وقع دموع سعيد بن عبدالعزيز على الحصير في الصلاة .
هكذا كان خشوعهم . أما نحن فنشكو إلى الله قسوة في قلوبنا وذهاباً لخشوعنا . فلم تعد الصلاة عند بعضنا صلة روحانية بينه وبين ربه تبارك وتعالى ، بل أصبحت مجرد حركات يؤديها الإنسان بحكم العادة لا طعم لها ولا روح . فأنى لمثل هذا أن يخشع ؟.
لقد صلى بعض الناس في أحد مساجدنا ، ولما كان في التشهد الأخير جاءه الشيطان وقال له : يا أبا فلان إن صاحب المحل قد أخطأ في الحساب فراجع الفاتورة ، إني لك من الناصحين . فصدق المسكين وأخرج الفاتورة ليراجعها أمام الناس وهو يصلي . فالله المستعان .
وآخر . تراه هادئاً ساكناً ، فما إن يكبر حتى تبدأ يداه بالعبث بغترته أوعقاله أولحيته أوساعته . . . ولو خشع قلبه لخشعت جوارحه .
فلا يغرنك وقوف مصليين متجاورين في صف واحد فإنه قد يكون بينهما من التفاوت في الأجر كما بين السماء والأرض . وقد قال عليه الصلاة والسلام ” وإن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها ” رواه أبو داود وحسنه الألباني
مواضيع مماثلة
» مكروهات في الصلاة
» صفة الصلاة .: صور توضيحية
» صفة الصلاة
» صفة رفع اليدين عند التكبير في الصلاة
» نصائح لمن يسرحون في الصلاة...
» صفة الصلاة .: صور توضيحية
» صفة الصلاة
» صفة رفع اليدين عند التكبير في الصلاة
» نصائح لمن يسرحون في الصلاة...
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى