رمضان ميلاد أمة
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
رمضان ميلاد أمة
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يذهب إلى غار حراء في جبل النور، يُقِيم فيه شهر رمضان، ويقضي وقته في العبادة، والتفكر في ملكوت السموات والأرض، وفيما وراءها من قدرة مبدعة، وظل على ذلك مدة من الزمان، حتى جاءت الساعة التي بدأت فيها الأمة ميلادها الحقيقي، هذه الساعة التي جاءه فيها جبريل، فقال له: اقرأ، قال: ((ما أنا بقارئ))، قال: ((فأخذني فغطَّنِي حتى بلغ منى الجهد، ثم أرسلني، فقال: اقرأ، قلتُ: ما أنا بقارئ))، قال: ((فأخذني فغطَّني الثانية، حتى بلغ منى الجهد، ثم أرسلني، فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطَّنِي الثالثة، ثم أرسلني فقال: ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ) [العلق: 1 - 3].
فرجع بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد، فقال: ((زمِّلوني، زمِّلوني))، فزمَّلوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة: ((ما لي؟))، فأخبرها الخبر: ((لقد خشيتُ على نفسي))، فقالت خديجة: كلاَّ، والله ما يخزيك الله أبدًا؛ إنك لتصل الرحم، وتحمل الكَلَّ، وتَكسِب المعدوم، وتَقْرِي الضيف، وتُعِين على نوائب الحق، فانطلقت به خديجة حتى أتت به وَرَقة بن نَوْفَل، فقالت له خديجة: يا ابن عم، اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة: يا ابن أخي، ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبر ما رأى، فقال له ورقة: هذا الناموس الذي نزله الله على موسى"؛ أخرجه البخاري ومسلم.
إن ميلاد الأمة كان في شهر القرآن، شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن: ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ) [البقرة: 185].
ومنذ هذه اللحظة، لحظة نزول القرآن الكريم على قلب النبي -صلى الله عليه وسلم- وبالأخص لحظة نزول: ( اقْرَأْ )، كانت هذه هي بداية الميلاد؛ لأن القرآن جعل الكون كله يقرأ باسم ربه؛ حيث أحدث القرآن الكريم نقلة للكون كله، فقد قرأت القلوب والعقول صفحات الكون، وتعمَّقت في بحاره وأنهاره، وسمائه وأرضه، في شمسه وقمره، في ليله ونهاره، في ذرَّاته ومجاراته، في كل شيء في الكون، فالكون كله يردد: ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) [آل عمران: 190 - 191].
ودار الكونُ كله في فَلَك: ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ) [الإسراء: 44].
وأحدث القرآن في الأمة نقلة إحيائية إيمانية، أثمرت ثمارًا طيبة في جنبات الحياة كلها؛ في أمورها السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والسلوكية، والأخلاقية، والتحاكُمية؛ حيث تحول الناس من شريعة الغاب القوي يأكل الضعيف، والغني ينسى الفقير، بل ويسخِّره، ويعامله معاملة العبيد، دون نظر لحقه الأدمي، وغاصت الأمة قبل هذا القرآن في كل ألوان الشرك، ودُنِّست أخلاقها، وغابت عنها العدالة، وكلَح الظلم والظلام وجوههم، حتى جاء القرآن؛ ليحدث الهداية، وينعش فيهم الحياة الإنسانية الإيمانية من جديد؛ ( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ) [الأنعام: 122].
ويقول الحق - سبحانه -: ( وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا ) [الرعد: 31].
يقول -تعالى- مادحًا القرآن الذي أنزله على محمد -صلى الله عليه وسلم- ومفضِّلاً له على سائر الكتب المنزلة قبله: ( وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ )؛ أي: لو كان في الكتب الماضية كتاب تسير به الجبال عن أماكنها، أو تُقطع به الأرض وتَنشق، أو تُكلَّم به الموتى في قبورهم؛ لكان هذا القرآن هو المتصف بذلك دون غيره، أو بطريق الأَوْلى أن يكون كذلك؛ لما فيه من الإعجاز الذي لا يستطيع الإنسان والجن عن آخرهم - إذا اجتمعوا - أن يأتوا بمثله، ولا بسورة من مثله.
الأمة الإسلامية والقرآن:
لا بد للأمة الإسلامية أن تتذكر مع القرآن لحظة الميلاد، وأن تتَّبع نَهج قائدها -صلى الله عليه وسلم- الذي كان يتدارس القرآن - وليس مجرد قراءة - مع جبريل كل عام في رمضان مرة، فلما كان العام الذي قُبِض فيه، دارَسه جبريل القرآن مرتين؛ روى البخاري عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس، وكان أجودَ ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من ليالي رمضان، فيدارسه القرآن، فكان جبريل يقرأ، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يسمع حينًا، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأ وجبريل يسمع حينًا، حتى كان العام الذي توفِّي فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- فعارضه جبريل بالقرآن مرتين".
فجبريل لم ينزل بهذا القرآن إلا من أجل مدارسة القرآن وتفهُّمه؛ لتظهر لنا عجائبه وحِكَمه، وتتأثر به القلوب والجلود، ونرسم به مستقبلاً لهذه الأمة في جميع مناحي حياتها؛ من أجل ذلك نهى الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يتعجَّل حفظه؛ لأنه ليس هذا هو المقصود من إنزاله؛ قال -تعالى-: ( لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ) [القيامة: 16 - 19].
وقال -جلَّت قدرته-: ( وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ) [طه: 114].
ومعنى أمره -تعالى- نبيَّه -صلى الله عليه وسلم- ألا يحرِّك بالقرآن لسانه؛ ليعجل به، وعده له أن يجمعه في صدره؛ لكي يتدبَّره ويتفهَّمه، وتبدو له عجائب القرآن وحكمته، وتقع في قلبه مواعظه، فيتذكَّر بذلك، ولتتأسى به أمته في تلاوته؛ فينالوا بركته، ولا يُحرموا حِكمته.
وقد ذكر الله هذا المعنى، فقال: ( لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ) [ص: 29]؛ انظر: شرح صحيح البخاري؛ لابن بطال (1/39).
وعن ابن جُبير عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم -يعالج من التنزيل شدة، كان يحرِّك شفتيه، فقال لي ابن عباس: أنا أحرِّكهما كما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحركهما، فقال سعيد: أنا أحركهما كما كان ابن عباس يحركهما، فحرَّك شفتيه، فأنزل الله -عز وجل-: ( لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ) [القيامة: 16 - 17]؛متفق عليه.
الأمة في رمضان وغيره تحتاج أن تتلو القرآن الكريم بالحالة التي كان عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حالة المدارسة والشدة، وأن تستشعر حق تلاوة القرآن.
يقول الشيخ أبو حامد الغزَّالي: "فتلاوة القرآن حق تلاوته، هو أن يشترك فيه: اللسان، والعقل، والقلب، فحظ اللسان تصحيح الحروف بالترتيل، وحظ العقل تفسير المعاني، وحظ القلب الاتعاظ والتأثر بالانزعاج والائتمار...، فاللسان يرتِّل، والعقل يُترجم، والقلب يتَّعظ"؛ إحياء علوم الدين (1/442).
فإذا عشنا مع القرآن بهذه المعاني، فسوف يكون للأمة ميلاد جديد في رمضان، تستطيع من خلاله أن تُعيد خيريَّتها وعزَّتها.
فرجع بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد، فقال: ((زمِّلوني، زمِّلوني))، فزمَّلوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة: ((ما لي؟))، فأخبرها الخبر: ((لقد خشيتُ على نفسي))، فقالت خديجة: كلاَّ، والله ما يخزيك الله أبدًا؛ إنك لتصل الرحم، وتحمل الكَلَّ، وتَكسِب المعدوم، وتَقْرِي الضيف، وتُعِين على نوائب الحق، فانطلقت به خديجة حتى أتت به وَرَقة بن نَوْفَل، فقالت له خديجة: يا ابن عم، اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة: يا ابن أخي، ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبر ما رأى، فقال له ورقة: هذا الناموس الذي نزله الله على موسى"؛ أخرجه البخاري ومسلم.
إن ميلاد الأمة كان في شهر القرآن، شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن: ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ) [البقرة: 185].
ومنذ هذه اللحظة، لحظة نزول القرآن الكريم على قلب النبي -صلى الله عليه وسلم- وبالأخص لحظة نزول: ( اقْرَأْ )، كانت هذه هي بداية الميلاد؛ لأن القرآن جعل الكون كله يقرأ باسم ربه؛ حيث أحدث القرآن الكريم نقلة للكون كله، فقد قرأت القلوب والعقول صفحات الكون، وتعمَّقت في بحاره وأنهاره، وسمائه وأرضه، في شمسه وقمره، في ليله ونهاره، في ذرَّاته ومجاراته، في كل شيء في الكون، فالكون كله يردد: ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) [آل عمران: 190 - 191].
ودار الكونُ كله في فَلَك: ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ) [الإسراء: 44].
وأحدث القرآن في الأمة نقلة إحيائية إيمانية، أثمرت ثمارًا طيبة في جنبات الحياة كلها؛ في أمورها السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والسلوكية، والأخلاقية، والتحاكُمية؛ حيث تحول الناس من شريعة الغاب القوي يأكل الضعيف، والغني ينسى الفقير، بل ويسخِّره، ويعامله معاملة العبيد، دون نظر لحقه الأدمي، وغاصت الأمة قبل هذا القرآن في كل ألوان الشرك، ودُنِّست أخلاقها، وغابت عنها العدالة، وكلَح الظلم والظلام وجوههم، حتى جاء القرآن؛ ليحدث الهداية، وينعش فيهم الحياة الإنسانية الإيمانية من جديد؛ ( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ) [الأنعام: 122].
ويقول الحق - سبحانه -: ( وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا ) [الرعد: 31].
يقول -تعالى- مادحًا القرآن الذي أنزله على محمد -صلى الله عليه وسلم- ومفضِّلاً له على سائر الكتب المنزلة قبله: ( وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ )؛ أي: لو كان في الكتب الماضية كتاب تسير به الجبال عن أماكنها، أو تُقطع به الأرض وتَنشق، أو تُكلَّم به الموتى في قبورهم؛ لكان هذا القرآن هو المتصف بذلك دون غيره، أو بطريق الأَوْلى أن يكون كذلك؛ لما فيه من الإعجاز الذي لا يستطيع الإنسان والجن عن آخرهم - إذا اجتمعوا - أن يأتوا بمثله، ولا بسورة من مثله.
الأمة الإسلامية والقرآن:
لا بد للأمة الإسلامية أن تتذكر مع القرآن لحظة الميلاد، وأن تتَّبع نَهج قائدها -صلى الله عليه وسلم- الذي كان يتدارس القرآن - وليس مجرد قراءة - مع جبريل كل عام في رمضان مرة، فلما كان العام الذي قُبِض فيه، دارَسه جبريل القرآن مرتين؛ روى البخاري عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس، وكان أجودَ ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من ليالي رمضان، فيدارسه القرآن، فكان جبريل يقرأ، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يسمع حينًا، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأ وجبريل يسمع حينًا، حتى كان العام الذي توفِّي فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- فعارضه جبريل بالقرآن مرتين".
فجبريل لم ينزل بهذا القرآن إلا من أجل مدارسة القرآن وتفهُّمه؛ لتظهر لنا عجائبه وحِكَمه، وتتأثر به القلوب والجلود، ونرسم به مستقبلاً لهذه الأمة في جميع مناحي حياتها؛ من أجل ذلك نهى الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يتعجَّل حفظه؛ لأنه ليس هذا هو المقصود من إنزاله؛ قال -تعالى-: ( لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ) [القيامة: 16 - 19].
وقال -جلَّت قدرته-: ( وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ) [طه: 114].
ومعنى أمره -تعالى- نبيَّه -صلى الله عليه وسلم- ألا يحرِّك بالقرآن لسانه؛ ليعجل به، وعده له أن يجمعه في صدره؛ لكي يتدبَّره ويتفهَّمه، وتبدو له عجائب القرآن وحكمته، وتقع في قلبه مواعظه، فيتذكَّر بذلك، ولتتأسى به أمته في تلاوته؛ فينالوا بركته، ولا يُحرموا حِكمته.
وقد ذكر الله هذا المعنى، فقال: ( لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ) [ص: 29]؛ انظر: شرح صحيح البخاري؛ لابن بطال (1/39).
وعن ابن جُبير عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم -يعالج من التنزيل شدة، كان يحرِّك شفتيه، فقال لي ابن عباس: أنا أحرِّكهما كما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحركهما، فقال سعيد: أنا أحركهما كما كان ابن عباس يحركهما، فحرَّك شفتيه، فأنزل الله -عز وجل-: ( لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ) [القيامة: 16 - 17]؛متفق عليه.
الأمة في رمضان وغيره تحتاج أن تتلو القرآن الكريم بالحالة التي كان عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حالة المدارسة والشدة، وأن تستشعر حق تلاوة القرآن.
يقول الشيخ أبو حامد الغزَّالي: "فتلاوة القرآن حق تلاوته، هو أن يشترك فيه: اللسان، والعقل، والقلب، فحظ اللسان تصحيح الحروف بالترتيل، وحظ العقل تفسير المعاني، وحظ القلب الاتعاظ والتأثر بالانزعاج والائتمار...، فاللسان يرتِّل، والعقل يُترجم، والقلب يتَّعظ"؛ إحياء علوم الدين (1/442).
فإذا عشنا مع القرآن بهذه المعاني، فسوف يكون للأمة ميلاد جديد في رمضان، تستطيع من خلاله أن تُعيد خيريَّتها وعزَّتها.
مسلم- مدير
- عدد الرسائل : 688
رقم العضوية : 3
تاريخ التسجيل : 07/07/2007
رد: رمضان ميلاد أمة
الحمد لله على نعمة الاسلام وكفى بها نعمة
marium- عضو جديد
- عدد الرسائل : 44
تاريخ التسجيل : 27/02/2012
مواضيع مماثلة
» الشوق لرمضان مناجاة.. بين يدي رمضان
» رمضان مش كده
» الثبات بعد رمضان
» نصائح للصائمين في رمضان
» صوم رمضان وقاية وعلاج
» رمضان مش كده
» الثبات بعد رمضان
» نصائح للصائمين في رمضان
» صوم رمضان وقاية وعلاج
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى